الجمعة، 23 أكتوبر 2015

أضلاع المربع المقدس !!

• مقدمة 

في عالم كرة القدم هناك بعض التفاصيل والجزئيات الصغيرة التي تشكل منعطف مفصلي في تحديد مسار بعض الزوايا من تاريخ كرة القدم ؛ من بؤرة جمال الكرة ؛ هناك في ايطاليا ؛ حيث يقطن تاريخ الحُب في فيرونا تحت شُرفة روميو وجولييت ؛ هناك في ايطاليا ؛ حيث مهد أحد اقدم امبراطوريات التاريخ البشري في روما ؛ عند انهار فينيسيا الخالدة ؛ تحت ظِلال متمرسي الصرعة والموضه في ميلانو ؛ وايضاً للجانب الاجرامي مكانٌ لها ؛ حيث عوائل عصابات المافيا في صقلية ؛ ايطاليا تمنحك كل شيء ؛ الجمال ؛ الفن ؛ السحر ؛ الكرة ؛ وان بحثت عن بعض الامور السيئة حتماً ستجدها ؛ من مهبط جنة كرة القدم ؛ تبدأ رحلتي ؛ منكِ ابدأ ؛ و إليكِ اسير ؛ وعليك تُعقد آمال كل مُحبٍ للجمال ؛ ايطاليا أنتِ عظيمة ؛ أعظم مما تصوروكِ ؛ واجمل مما تخيّلوكِ ؛ واروع بكثير من لوحات دافنشي ؛ وأقدّس من إله الخمر كما رسمه انجلو ؛ بل تخطيتِ كل حدود الخيال ؛ حتى الوصول للسماء المبهمة ؛ حيث تقبعين في مكانةٍ لا تُرى ؛ لا تُسمع ؛ واحياناً لا يتم تخيّلها !

 • سماء الكرة المقدسّة !

الكرة الرجولية ابرز ما كان يميز الكرة الايطاليه في اوّج تألقها في حقبة التسعينيات منذ بدايتها تحديداً ؛ احياناً كان اللاعب يتحامل على اصابته فقط لخدمه فريقه ؛ فيّتخذ من مبدأ " تعرق الشعار اكبر دليل على الحب " ؛ او يتخذ قاعدة من مقولة الكاتب الشهير اوسكار وايلد ؛ حيث يقول " كرة القدم قد تناسب النساء الخشنات ؛ ولكنها ليست للرجال الناعمين " ؛ فكان تقديسهم للشعار مهما ساءت الظروف عاملاً رئيسياً لتقديسهم فيما بعد كأساطير و رموز عُلقت بمسامير ذهبية في سماء الكرة المقدسة ؛ تلك كانت ايطاليا ؛ لمن لا يعرفها ؛ ايطاليا بلد القدسيّة لكل من يستحق التقديس ؛ عندما تتجول بين أزقّتها ترمق هناك برواز معلّق لإسطورةٍ ما ؛ او معلّقة لعلمٍ ما ؛ او مخطوطة تاريخية نُحتت في مدح رمز لم يُنسى و لن ينسى ؛ تلك تقاليد ايطاليا ؛ إن عرفتها دائماً سيُقال لك بصوتٍ صادح " أهلاً بك في ايطاليا " ..


• الضلع الاول 

كلمات القلب تُردد حروفها داخل مجرى الشرايين ؛ تُخلق هناك أبجدية العشاق ليتم التحدث بلغة لا يفهمها احد سوى من عشق مالديني ؛ حيث كان يُفتن به عشقاً ؛ يعيش به الفرح والسرور ؛ الى النزعة بالجنون ؛ ينطلق من خط الهلاك ؛ حتى يصل لنقطة الموت و يهلك ! تفاصيل وجزئيات كثيرة دوّنت في كتاب التاريخ ؛ حُفظت ولن تُمحى ؛ كان يجيّد شمولية غريبة وغير مفهومة ؛ اينما وضعته يقدم بإقناع ؛ و اينما اردته ؛ يسحرك بإمتاع ؛ كان نقطه فارقة ومفصلية في تاريخ الكرة الايطالية ؛ حتى صُنّف مع مرور الزمن كأعظم مدافع في تاريخ كرة القدم التي عرفتها البشرية ؛ كان اشبه بالقوة المفرطة التي تدمّر مكامن الضعف ؛ عاصر اعتى الاجيال في تاريخ الكرة ؛ بدايةً من سيّد الكرة ذو اليد الإلهية دييغو مارادونا ؛ عبوراً بـ باجيو صاحب ذيل الحصان الإلهي والاشهر في تاريخ الكرة ؛ وصولاً بملوك وصلوا لدرجات القدسية مثل توتي الذي اعتبره البعض البابا الفعلي في روما في إشارةً لتواجد بابا الفاتيكان هناك ، و ديل بييرو الذي ازاح باجيو العظيم من سُلم المجد في اليوفنتوس و الغى ارقام المذهل بونيبيرتي ؛ دون نسيان الظاهرة الاعظم ؛ ورغم ذلك ؛ استطاع ان يكون شوكة غليظة في فم كل هؤلاء الاساطير ؛ كان كان الامواج العاتيه على سفنهم ؛ التي تُبعد كل قوارير الرسائل من شواطئهم و مراسيهم ؛ ربما كان كالبومة السوداء على اغصان حظوظهم !!
ولمعرفة مدى عظمته واسطوريته ؛ تخيل ان يتوّج بجائزة افضل مدافع في اوروبا ؛ رجل شارف على الاربعين سنة! اي عظمة هذه يا باولو ؟ يقول عنه الظاهرة رونالدو " كنت دائماً اميل في تحركي الى الجانب الايمن ؛ لكن ديربي ميلانو علمني ان الجانب الايسر افضل ؛ لان هناك لا يوجد باولو مالديني " ؛ تلك شهادة من ابرز الخصوم ؛ يقين تام بأنه اصعب من الصعوبة نفسها ؛ لذلك نجده اليوم يصل لمرحلة التقديس في سماء الكرة ؛ كرمزٍ مقدّس !!

• الضلع الثاني

هو في الجانب الآخر من مدينة الموضة ؛ ذو الرئات الثلاث ؛ العامل المشترك بينه وبين مالديني كان ( الشمولية ) تلك النقطة شكلّت فارق كبير في مسيرته الرياضية ؛ ايضاً الاستمرارية كان سبباً في حفاظه على مستوياته المميزة في العقد الاخير ؛ والا بربك قُل لي ؛ هل يمكن لرجل شارف على عقده الرابع ان يكون اساسياً في فريق بطل محلياً وينافس اوروباً ؛ ويكون سبباً رئيسياً في اعتلاء فريقه تلك المنصة ليتوّج بطلاً على اوروبا بأكملها ؟ كان يمتلك شيئاً ينافي اي عُرف او عادات و تقاليد ؛ كان ضلع داخل جسدٍ سقيم يريد النفور الى عالم آخر ؛ فالشعلة التي تجوب بداخله لا يناسبها اي خمولٍ او كسل ؛ كان كالهواء الذي تلتهمه الرئة ولا تريد ان تزفره ابداً ؛ كأوتار الكمال الذي يعزف على نوتة الامل ؛ بغدٍ افضل رغم ظرفه التعيس ؛ إبتسامة زرقاء في سماء يملؤها الاحمرار ؛ هوية دامت لازمانٍ طويلة ولم تتأثر بالعوامل المحيطة ؛ حتى خُلد في التاريخ كأحد ابرز من حطم الارقام واحداً تلو الاخر ؛ ربما كان اعظم اجنبي في تاريخ الكالتشيو ؛ وذلك ليس بالشيء السهل ولكنه هيناً في قاموس خافيير ؛ ليكون بهذه العظة ضلعاً ثانياً في السماء المقدسة !!

• الضلع الثالث

يوماً ما قال مارادونا عن باجيو " هو الوحيد الذي اقترب من مستواي " وبدور باجيو ايضاً قال عنه ذات يوم " اذا كان هناك خليفةً لي ؛ فـ ديل بييرو هو خليفتي " ؛ كان امتداداً لسلالة الاساطير ؛ ذلك الفتى المدلل الذي ازاح باجيو من اليوفنتوس ؛ حطّم ارقام بونيبيرتي ؛ حتى اصبحت له الكلمة العليا في اغلب الارقام التاريخية في تاريخ اليوفنتوس ؛ كان كالمطر الذي يستعرض مهارته على أسطح الطبول فيُشكل صوتاً كقرعها ولكن بموسيقى خافته تُلامس القلب قبل ان تسمعها الاذن ؛ كان يحملك برشاقةٍ تامة الى عالم لا تعرفه ابداً! ولكن جُل ما تعرفه ان هذا العالم يمتلئ سحر ومتعة ولا تريد مفارقته ؛ لا يهم متى واين ؛ ما يهم هو انك معه في اي زمانٍ و مكان ؛ حتى وهو يشارف على سن الاربعين كان علامةٍ فارقة ومن اهم اسباب حصول فريقه على بطولة الدوري في موسمه الاخير مع البيانكونيري ؛ تلك شخصية العظماء ؛ تظهر ، لا تختفي و لا تتأثر بتغيّر الزمن ؛ وما سُميّ بالملك الا بسبب تاجٍ صنعه بنفسه وجعل العشّاق تُنصّبه ملكاً بتاجٍ هو صانعهُ ؛ كالقصيدة المبللة على الوجنة الجافة لتلك الحسناء البائسة ؛ او ربما كإشراقة شمس تحتضنا السماء حتى في الظلام الدامس! ؛ ذلك الاستثناء جعل منه رمزاً خالداً مخلدّاً في السماء المقدسة ؛ ليشكل الضلع الثالث لتلك القدسيّة المبجلة !!

• الضلع الرابع

رغم عشقي لكل من ذكرت ؛ الا انني فضّلت ان يكون توتي هو الاخير لتكن الرواية مثلما قال القدير عيسى الحربين في تعليقه على لقاء روما وكاتانيا " و اكتملت الليلة بالملك " ؛ لن اجد احداً اعبر عن مشاعري تجاهه في كل هؤلاء افضل من توتي ؛ ما عشته معه وله يجعلني ادرك قيمة الكتابه والتعبير خصوصاً اذا كانت له ؛ لذلك فضّلت ان يكون مسك ختامها ( ملكياً ) ؛ يقول عنه عرّاب الكرة الايطالية جيوفاني تراباتوني " كل لاعب له مميزات ؛ ولكن اطلاقاً لا احد مثل توتي ".. ؛ نشأ في بيئة صعبة جداً ؛ ولم لكن يتخيل ابداً ان يصل لتلك المكانة ؛ ذلك الطفل كان يحلم يوماً ما ان يلعب بجانب الفتى المدلل ( جوسيبي جيانيني ) فكان مثله الاعلى ؛ وشاءت الاقدار ان يحدث ما اراد ؛ ولكن لعبة القدر كانت اجمل بكثير مما تخيل ؛ فأصبح ( جيانيني ) بالكاد يذكر واستحوذ توتي على كل شيء ؛ أحياناً ايضاً يتم وصفه بـ ( البابا ) الفعلي لروما رغم قدسية بابا الفاتيكان هناك ؛ لكن درجة توتي كانت اقدس بكثير ؛ من صانع لعب في اغلب فترات مسيرته ؛ الى لحظة مفصلية اصبح فيها مهاجم ؛ فتغير التاريخ وتم اسقاط اسماء بعض الاساطير من سلم التاريخ ؛ ليصبح ثاني افضل هداف في تاريخ جنة كرة القدم ! صاحب اكثر اسيست في مونديال برلين الشهير ؛ اكبر من توّج بالحذاء الذهبي الاوروبي ؛ حتى عندما شارف على الاربعين الغى كل الارقام التاريخية في الديربي فدوّنت بإسمه فقط ! كان بالنسبة لي كالفكرة المتجددة التي تقتات عليّ كالوحش الضاري ؛ يشغل فراغي بفرحةٍ هيستيرية ؛ كشعلةٍ من نار تلغي كل طقوس الليالي الباردة مع صقيعها ؛ لم اكن اخشى على نفسي من قيده قدر ما كنت اخشي عليّ من بُعده ؛ تلك بعض التفاصيل التي عشتها لزمانٍ طويل وربما كانت نقطه في بحره ؛ احياناً كان يجعلني اطير سعادةً ؛ واحياناً تغرورق عيناي بدموعٍ لا اعرف سببها ؛ كان يسيطر علي في كل شيء ؛ كنت اريد ان اسمعه ؛ اتنفسه ؛ اسرد عليه رواياتي ؛ اقول له هل تذكر كذا و كذا ؛ هو لن يذكر بالطبع لكن جُل ما اريده هو ان احكي له فقط !! مهما قلت وسردت لن اكتفي وربما سأتحدث حتى الصباح ؛ كل ما اردت قوله هو انني اردت ان تكون المكمل لعقد الاضلاع الاربعه لذلك المربع المقدس ؛ في سماء الكرة المقدسة!!

الأحد، 27 سبتمبر 2015

كرة القدم ؛ تحتفل اليوم بميلادها !

مــــقــــدمــــه . .




مُنذ بدايه هذه الحياه ، يفتح الطفل عيّنيه ليُبصر واقعه المُنتظر ، تتشكل آمال وتتكون أحلامه يوماً تلو الآخر ..

ووتبلور معها جزيئات هذه الحياه ، فيعيش أفراحها تارةً ، ويتذوق أحزانها تارةً اخرى ، وهكذا تدور الحياه ..


كل شيء مُنذ البدايه يكون بطريقةٍ فطريه وغريزيه ، بِمَ يعيش ، كيف يفرح ، وبأي طريقةٍ يحزن ، كل شيءٍ مُقدّر ..

لا يملك خياراً سوى الإنقياد خلف مؤشرات القلب ، هي من تحدد طرقه ، ثم تحدثه بصوتٍ خافت ، إسلكها !


بعض المناسبات يحدثك فيها قلمك ، ما خطبك يا صديقي ؟ تلك المناسبه المنتظره هل من المعقول قد نسيتها؟

هل يُعقل أن تتركها تمر من بين ثناياك مرور الكِرام ؟ إن كان الامر كذلك لا يُفسره الا سببين لا ثالث لهما ..


إما أن تكون شخصاً آخر أنا شخصياً لا اعرفك ، وإما أن تكون قد نزعت قلبك وعقلك لذلك لا تُدرك أهميه اللحظه ..

هلّم إلى اوراقك ، ودعني أقفز بين أصابعك ، وأطلق العنان لمشاعرك ، نتشارك سوياً طريق تلك الرحله !



 


في السابع و العشرين من سبتمبر وُلد رجلاً هُناك في روما ، قيل انه في يومٍ ما سيكون ذو شأنٍ عظيم ، لكنها كانت مُجرد أقاويل يتداولها الناس فيما بينهم ، على غِرار ما كان يحدث في سابق العصور ، ولكن هذه المره لم تكن مجرد أحاديث عابرة ..


هذا اليوم كان يوماً مُقدّس بكل ما تعنيه الكلمه من معنى لكل أبناء روما ، معها وُلد ذاك الرجل الذي عمّر روما ومعه عاشت أياماً جميله وإزدهرت ، بعدما حرقها نيرون في يومٍ ما وأهلك كل شعبها ، ذاك الفتى أعاد إعمارها وإحتوى شعبها بفؤاده الكبير ..


معه أشرقت الشمس ، وزّعت أشعتها على قلب العجوز ، وعلى خد المُسن ، إحتظن القمر طفلاً ، فكانت له الكواكب تبتسم لتُحدثه " أكمل إبتسامتك يا بُني ، ليس حلماً ، ولا خيالاً ، ولا تشوبه الخزعبلات ، بل واقعاً أجمل من الحلم ذاته ، عيشه اليوم ! " ..


كان يُحدث الشوارع ، هل فعلاً كُنتِ تنتظريني؟ فيُكمله الناس " ألم تعلم ذلك ؟ " .. فلم يكن يُجيب ثم يستمر بسرد اسألته ، أجبني من فضلك " هل فعلاً كُنتم تحلمون بي ؟ " .. فيصمتُ الشارع طويلاً ، ويلتف الناس بأكملها حول ذلك الفتى اليافع ليستمعوا ..


وبعد وقتٍ طويل ترد كل الشوارع في آنٍ واحد وبصوتٍ واحد " أنت من خبأته في أحظاني يوماً ، وأنت من أخرجته للناس دوماً ، وأنت من سيكون مُستقبلاً ، ذا شأنٍ وذا رفعةٍ وسيذكرك الناس انك هرمٍ وتسود اُناسٍ وقوماً " ..


إبتسم الشاب ثم بدأ يخطو خطواته للأمام ، تلك الكلمات أثرت كثيراً في نفسه ، بدأ يثق بنفسه ثم يُفكر ، إنهم يحملون آمالاً كبيرة عليّ ، وربما نفسي لا تتحملها ، ماذا عساي أن افعل؟ هل تعلم؟ الرجال لا يتراجعون سأمضي وأرى ما يُخبئه لي زماني !


بدأ الشاب يمضي وإتجه إلى ذلك المعلم الجميل ، إنه الكولسيوم ، تجوّل في أنحائه ليرى ما يُخبئه بين جدرانه وخلف نوافذه ، فرأى عجوزٍ مُسن هُناك في أقصى تلك الزاويه ، قال له " ما جاء بك إلى هُنا يا بُني ، هل كنت تبحث عن شيء لعلي أساعدك؟ "


فقال له " ما هذا ، وما الذي انا فيه ، هل تستطيع ان تُخبرني عن هذا المكان؟ ولِمَ يأتيه الناس بكثرة من شتّى بقاع الارض؟ "

قال له " لِمَ أجيبك أنا على ما يتبادر في ذهنك وتتسائل عنه؟ إسأله أنت بنفسك سيُجيبك على كل تساؤلات ، هيّا جرّب ! " ..


مرةً أخرى يُعيد ذلك الشاب تساؤلاته " قُل لي من فضلك ، من أنت؟ ولِمَ كُل هؤلاء يأتونك من شتّى بقاع الارض؟ وما الذي يُميّزك ليكتّظ الناس بهذه الطريقه على ابوابك ؟ ولِمَ شكلك يبدو هكذا؟ من فضلك أجبني لدي تساؤلاتٍ كثيره ! " ..


قال له " أنا بيّت آبائك وأجدادك ، هُنا تجمّعت قطرات دماء أهاليك الأولين ، هنا يتذكر الناس آبائهم وأجدادهم من خلال تلك الأسماء ، ظلمني اُناسٍ كثير ، ولم يُنصفني اُناسٍ أكثر ، ولكنني كنت اعلم انك ستأتي يوماً لتُنصفني وتقدّر ما انا فيه " ..


فأجاب ذلك الفتى " أنا؟ لِمَ كل هؤلاء الناس يرون فيّ ذلك ؟ انا لستُ رجلاً خارقاً افعل كل شيء ! أنا من هنا ، من أرضكم وبقاعكم ، لم آتيكم من الفضاء لتطلبوا مني كل ذلك ، بالله عليك قُل لي كلاماً آخر غير ذلك الذي تفوّهت به ، أرجوك! " ..


قال له " بل أنت سماؤنا على الأرض ، وإن كُنت شاباً اليوم وتعتقد أنك محدود الإمكانيات ، ستكُبر غداً وتتذكر أحاديث كُل هؤلاء الناس ، وستعرف حينها أننا لم نخطئ أبداً عندما حدثناك بهذه المفردات ، وبهذه الصيّغ المتأمله والشديده التفاؤل " ..


أدار ظهره ذلك الفتى ثم رحل ، بدأ يمشي في الطُرقات فيستمع الى همهمات الناس عنه ، وتهامس كبار السن وصغارهم حوله ، ومع تلك الاحاديث يزداد إعجابه بنفسه ، وتزداد ثقته ويزداد اشتياقه لذلك المُستقبل الذي سيرى فيه كل ماقيل وسُمع !





كبُر ذلك الفتى وأصبح رجلاً ، وبدأ يشعر بمسؤوليه وأهميه أن تحمل آمال وأمنيات وأحلام شعباً بأكمله ، كان أشبه بكتابٍ جديد وفريد ، كُتب بلا قلم ، سُرد بلا أحرف ، وطُبع بلا حبرٍ ولا طابعات ، كان شيئاً إستثنائياً في كل شيء ، كل شيء !


أحرف ذلك الكتاب كانوا عشاقه ، أبوابه قلوبهم ، وفصوله مشاعرهم ، وغلافه كل جوارحهم ، من رحم الإعجاز وُلدت تلك الإسطوره لتُخبر كل العالم بصوتٍ خافت ، أنا جئت إليّك مثلما كان ذلك الشعب يتمنى ويحترق إنتظاراً ، لقد جئت !


سأزيح كل تلك السطور ، وسأجلس أعلى ذلك الكُرسي ، وسأصل إلى مكانةٍ لم يصل سواي وإياي ، ولن يُفكر أحد يوماً أن يُزحزحني منها ، وضع كُرسيه هُناك ، جلس ثم قلّب عيّناه مُتأملاً بل مُتحدثاً " هذا عالمي اليوم ، أين عالمكم الآن ؟ " ..


تتمحوّر حوله العُيون ، تدمع لإدراكها تلك اللحظه ، الشوارع تحتظن بعضها ، والمسارح تُغني له ، الأراضي بدأت بالإخضرار ، وبدأت الملاعب تُمطر ولهاً وشغفاً ، لقد أقبل يا رفاق ! نعم لقد أقبل ، أعدوا العِدة لإستقباله ، إنه قادم لا محاله !


رسائل الشُكر تنهال في أحضان تلك الأم ، شُكراً وتعبيراً عن الإمتنان لتلك الجوهره العظيمه ، ورسائل الشكر ايضاً تتمحور حول ذلك الأب ، الجميع فخور بإبنكم ، ليس فقط فخوراً به ، بل مُعتزاً بمعاصرته ، يا لها من لحظاتٍ خاصه ، يا لها من لحظات !


يرى في عيون أبناء شعبه عظمه الأحلام ، وتبدأ الصخور تحت أقدامه بالتفتت خضوعاً لذهب قدميّه ، كل شيءٍ في العاصمه بدأ يتغيّر ، الشغف إزداد ، الوله يكبر يوماً تلو الآخر ، والكولسيوم يكاد يُغيّر إسمه حُباً فيه إلى فرانشيسكو توتي !


عندما كُنت صغيراً كنت استمتع إلى عظمه الرومان في إمبراطورياتهم ، وما كان صنيعهم ، من يوليوس قيصر واغسطس ، إلى قسطنطين ونيرون ، لكلٍ منهم كانت أعمال تحكي عنهم ، وكنت اقرأ ويشدني جداً ما اقرأه ، واستغرب فعلاً لما اقرأه ..


ولكن احياناً عقلي لا يتقبل بعض الامور ، او بمعنى آخر " استكرها " ، ولكن لم يخطر لي يوماً انني سأعاصر أحد قياصرتهم وأباطيرهم ، ولكنني فعلت ذلك ، عشت كل تفاصيل بناء الامبراطوريه ، من الصقيع إلى اللهب ، من الحظيظ إلى السمو !


كنت اعيشه في اليوم ألف مرة ، ومع كل مرة كان يزورني ، كان يُحدثني ويشعر بما اشعر به ، كنت اذا تسائلت عن شيء يأتي إلي سريعاً مُلبياً ليُجيب ، ما رأت عيّناي ملكاً يُصغي إلى اصوات شعبه مثله ، ولم اشعر برقه مشاعر كـ تلك المشاعر قط !


كنت اقول " هل يشعر بما نكنه له ؟ هل يُدرك إلى أي درجةً نُحبه ونعشقه؟ هل يعلم حق العلم إلى أين وصل حُبه بنا ؟ " ..

كان يأتيني ويقول " إلى حد الجُنون ؟ أليس كذلك يا صديقي؟ ولكن هناك امراً ما أنتم كلكم لا تعلمونه ولم تدركوه " ..


تعجبت لحديثه ثم قُلت " وهل هناك شيء ما يخصك ولا نُدركه يا مُلهمي ؟ " قال نعم ! ، ثم قُلت " هلُمّ ، أخبرني ما هو؟ "

قال " أنتم جميعاً لا تُدركون أنني اشاطركم ذات الجنون ، بل فُتنت بكم قبل ان تعشقوني وتُحبوني " ..


" أيُعقل ذلك يا فاتني؟ وهل يُعقل ان تعشقنا أكثر مما نعشقك؟ لو أدركت ما نحمله لك بين صدورنا رُبما لن يتحرك لسانك من هوّل من نكنه لك ، بالنسبه لنا انت ثالثُ اساسيات هذه الحياه ، بعد الهواء المُستنشق ، وبعد الماء الذي تستمر به الحياه " !




ليس من السهل ان تصعد سُلم التاريخ وتصل إلى قمته بعد أن كنت هناك في أسفله ، خصوصاً وأنك لا تملك المقوّمات اللازمه والكافيه التي تُساعدك لصعود وتسّلق ذلك السُلم ، لكنك فعلت! أي عزيمةٍ تمتلك وأي إصرارٍ لديك يا مُلهمي !؟


رغم أنك كنت ترمق الطريق وترى هُناك عثره ، وبجانبها عراقيل ، وهناك لوحةً كُبرى كُتب عليها . .

(( الـــــفـــــشـــــل أقـــــرب للـــــواقـــــع . . مـــــن الـــــوصـــــول إلـــــى الــــنــــجــــاح )) !!


كان يصعد درجةً ثم يسقط ، يرقى بالأخرى ثم يعرج ، وفي كل مرةً يرى كُرسي هُناك في نهايه ذلك السُلم ، يلمع في عيّنيه ، يرمقه ويقول ، لن أهدأ حتى أجلس هُناك ، ما أقسى الظروف ، وما اصعب الواقع يا فرانشيسكو !


ولأنه كان رجلاً ذو عزيمه تكفي 1000 رجل ، كان يقول " الفارسُ الشهم ، لا يرمي سيفه ويهرب " ، وكنت كذلك!

كان يظهر كما عوّدنا دائماً ، وكما كان يُسمعنا " الرجال لا يسقطون . . والفُرسان لا يهربون " ..


خطوةً بخطوة . . درجةً بدرجه . . بدأ يتسلق ذلك السُلم حتى وصل إلى قمته . . بدأ يلوّح للشعب بيديّه الكريمتين . .

هُنا سنبدأ طريقنا يا قوم . . من هُنا سنلعن كُل العثرات اللعينه . . لنكن معاً كفاً بكف . . يداً بيد نحو مُستقبلٍ أجمل !


مُسحت السجلات ، ولُغيت الصفحات ، بدأ الملك يضع ختمه الملكي على مُجلدات كُتب التاريخ ، وإن سبقني إليك أحدٌ غيري ، إلا ان بصمتي لم يجرؤ أحداً على وضعها قبلي ، ولن يفعل أحداً ما فعلته أنا حتى بعد أن اغادر ، ثق بذلك ايها الكتاب اللعين!


فُتحت أبواب الامبراطوريه على مصراعيّها ، وتم إعلان تقلّد الإمبراطور الجديد وتسلّمه مقاليد الحُكم ومفاتيح الإمبراطوريه ، الآن سيبدأ عصرٌ جديد في عهد هذه الامبراطوريه ، عصرٌ مُختلف ، سيتذكره الناس كثيراً وربما لن ينساه أحداً قط !


توّجه الملك إلى تلك القاعه المُثيره ، كانت غريبه الشكل ، ولا يدخلها احد الا في وقت الإجتماعات المُهمه والعاجله ، كان يسمع تمتمات اُناسٍ يعرفُ اصواتهم جيداً ، ولكن مسمعه لم يكن يُميزهم بعد ، إقترب من ذلك الباب حتى فتح الباب ودخل ..


وجد اُناسٍ يعرفهم يتشاورون فيما بينهم فيما يخص امبراطوريتهم الجديد ومليكهم الجديد ، دخل والابتسامه تغمّر عيّنيه ، وبمجرد دخوله صمت الجميع ، فقال " لِمَ سكت الجميع.؟ ألم تكونوا تتشاورون في أمرٍ ما ؟ أكمل مشورتكم ! " ..


فقالوا " كُنا نتشاور يا ملك فيما يخص إمبراطوريتنا وكيف سيُنظر لنا العالم اليوم ، وكيف سنُعامل وبِمَ سنُعامِل ، لابُد وان اموراً كثيره ستتغير مُنذ هذه اللحظه ، ولكن يكون هناك شيئاً مُشابه لذلك الواقع الذي عشناه بالأمس قبل قدومك وتقليدك هنا " ..


فقال " نعم ، الامر كذلك ، الامور ستختلف كُلياً ولا خلاف ولا جدال حول ذلك ، سنضرب لهم جميعاً مثلاً في كيفيه الإنتماء ، سنعطيهم امثله في العشق ، سيتناسى العالم بعدها أي قصةٍ ذُكرت قبلنا ، وسنكون نحن المثيل الوحيد " ..


" لن يتذكر الناس روميو وجولييت في فيرونا ، ولن يعرفوا قيسٌ وليلى وعنترٌ وعبله في بلاد العرب ، ولن يهمهم ابداً قصة جدّنا يوليوس مع الفاتنة المصريه كليوباترا ، حتى آيروس وفينوس آلهة الحُب سيُدفن ذكراها ، صدقوني سيحدث! " ..


الثقه كانت مُفرطه من جانب الملك ، الحضور كان مُتعجب من ذلك الحديث ، رغم أنه في كثيرٍ من الأحيان لم يكن يصدق ما يُتلى على مسامعه ، كيف سنطوي ذكرى اُناسٍ ذكرهم التاريخ وعرفناهم من خلاله؟ كيف سنزحزحهم ونحتل مكانتهم ؟؟ ..




كانت له خلطةً سريه لا يعرف اسرارها و لا يُجيد طهيّها إلا فرانشيسكو ، رائحتها شهيّة ومُذهله ، يشمّها الجميع ، ولكن الاجمل من ذلك كُله ، ان لا احد هُناك يجرؤ على تذوقها وإستطعامها إلا العشاق المجانين المُتيّمين ، أي عظمةٍ هذه!

 

علمتني أن النجوم في حضورك , لا تليق بهم إلا أدوار الكومبارس ,
علمتني ان الأساطير في حضورك , لايُتقنون إلا الخضوع تحت قدميّك ,

علمتني أن للقمر نصفٍ مُضيء , لا نُشاهده إلا برؤيه وجهك ,
علمتني ان طاقه الأساطير محدوده , بينما طاقتك لا تحتاج إلى شحن !

علمتني أن المُتربص بك , مهما بلغ دهائه , سيسقط أمامك رافعاً رايته البيضاء ,
علمتني أن الحاقد , مهما زاد بغضه , سيُفرم بين مطرقه دهائك , وسندان ذكائك ,

علمتني أن الشمس حتى وإن غابت , ومضات سحرك تُنير طريقنا ,
علمتني ان الشمس حتى وإن غابت , قنديل مُتعتك يكون لنا مُرشد ,

علمتني أن العين حتى وإن فُقأت , سحر جنابك يكون عيناً نرى بها ,
علمتني أن الحياه طريقين , الأول يقود لفرانشيسكو , والآخر يُؤدي إلى توتي ,

علمتني , وعلمتني , وعلمتني , ولازلت تُتقن تعليمي بكُل ما أجهله ,
فما كُنا لك إلا تلاميذٍ , وما كُنت لنا الا نِعم الاُستاذ , وخيّر المُعلم !

 

بل وعلمتني شيئاً أعظم من ذلك كُله :

 

(( أن الــــطـــريــــق حـــتـــى وإن كــــان مُــــغــــلــــق . . فـــإن الــــمــــلــــك حــــتــــمــــاً ســــيــــمُــــر! ))

 

لا شيء مُستحيل ، هكذا تعلمت .. لا شيء مُعجز! إلا وجودك بيننا !

لا شيء يستحق البُكاء .. هكذا أيقنت .. إلا رحيلك الذي يقتلني !

 

لا شيء يحتوى العظمه . . أكثر من وفائك !

لا شيء يحتظن الكبرياء . . أكثر من عشقك !

 

لا شيء يستحق التصفيق . . إلا حضورك وإطلالتك !

لا شيء يستحق ان تحلُم به . . أكثر من فرانشيسكو !

 

أنت لست مُجرد حلم . . أو حتى مُجرد أمل !

أنت قصه نجاح . . وُلدت تحت أنقاض الفشل !

 

أنت لست مُجرد إسطوره . . أو حتى نجمٌ فريد !

أنت قمرٌ يمشي بيننا . . ويُضيء قلوبنا صبُحٍ وعشيّه !

 

أنت لست مُجرد ملك . . أو شخصٌ يحكم القلوب !

 أنت قصة عشق مُذهله سكنت في قلب الكراهيه !

 

أنت لست روما . . بل روما هي توتي !

كل شيء يتذكرك . . وبك يتذكرون كل شيء !

 

كل شيء يُحبك . . وبك يعشقون أي شيء !

كل شيءٍ يحلُم بك . . حتى وأعينهم مفتوحه !

 

يااااه ! أي عشقٍ هذا ، وإلى أين وصلت بنا !

مهما قيل وقالوا ، لن يفهموا ما نشعر به !

 

ومهما نحن قُلنا لهم ، لن يفهموا ويستوعبوا ماذا تُمثل لنا . .

تباً لنا ، لو سألونا لِمَ تعيشون سنُجيب . .

 

لكن إن قيل لنا لماذا نُحبك ونعشقك . .

بربك قُل لي . . بماذا سنُجيب؟ ستُشل ألسنتنا !!!

 

 

 

 

 

إصابةٍ شنيعه تفتك به , الأطباء يُؤكدون له , ذهابك في ذلك الطريق مُستحيلاً ,
ما أخبرتنا به الطبيعه نُكرره على مسامعك , للأسف هذا هو الواقع المرير ,

عُذراً لكُل مُعادلات الطب , عُذراً لكُل أشعتهم وتشخيصاتهم , الامر لا ينطبق عليه ,
ألا يعلمون بأنك الملك خارق لكُل قوانين الطبيعه ؟ خارج عالمها ومدارها ؟

ألا يعلمون بأن إختلافه عن الجميع , أمرٍ بديهي , أمرٍ طبيعي , أمرٍ إستثنائي ؟
ألا يُدركون أن ما يُطبّق على البقيه , لا يصح تطبيقه عليه إطلاقاً ؟

بإراده الملوك , بمُعجزات الأساطير , ينهض الملك بعد ذلك السقوط المُؤلم ,
ها أنا ذا يا تاريخ , هل تلعب معي مُجدداً ؟ أنا لك , هيّا بنا نلعب جولتنا الاولى ,

يعود الملك لتلك الساحه التي لطالما تألق فيها , لطالما نثر فيها ابداعه ,
من ساحه المجد يخضع التاريخ , هكذا تُعنوّن كُل تفاصيل الطبيعه ,

في مونديال برلين , التتويج باللقب وإعتلاء المنصه امر كان مُستحيلاً ,
أشد المُتفائلين لم يتوقع حدوث ذلك , ولكن بالغرينتا تحدث كُل المعجزات ,

في وقتٍ الأزمات تظهر الرجال , وفي وقت الشدائد تُصنع المُعجزات ,
هذا ما حدث في بلاد الألمان , وهذا ما تم صُنعه في قلبكِ يا برلين ,

ليس ذلك فحسب , الملك أبى إلا ان يضع بصمته في تلك الساحه الأنيقه ,
قدّم أحد أجمل بطولاته مع الاتزوري , أداءٍ مُذهل , راقي , مُدهش ,

يستغرب له من لم يعيش تفاصيله عن قُرب , بينما عُشاقه , إعتادوا على ذلك ,
إعتادوا على إعتلائه لقمه التاريخ , إعتادوا على عبثه به وبكل سجلاته ,

من إصابةٍ شنيعه , لعينه , مُؤلمه , بائسه , وبصفائحٍ معدنيه مُقيته ,
إلا بطلاً للعالم , وأفضل صانع اهداف , وأبرز نجوم البطوله ,

لا عجب في ذلك إطلاقاً , لأنك توتي , يبدو لي الامر إعتيادي ,
ويبدو لغيري أمرٍ إعجازي , لأنه لا يُدرك أدق تفاصيلك !

 

 

 

 

في اوقاتٍ ما , يشعر المُتيّم بأقصى درجات الطمأنينه , يعيشها بهدوءٍ كبير ,
وعلى النقيض تماماً يعيش الكاره , كوابيسٍ تُؤرق حياته , وتُعكر صفوه ,

ليست مسأله كُره قدم , أو أداءٍ في ملعب , أو كمٍ مُعين من الأهداف ,
المسأله تتجاوز كل تلك الحدود بسرعةٍ كبيره وفائقه للغايه ,

في ذلك الملعب ترى منه سحراً مُباح , يُمتع ناظريّك ويُنعش فُؤادك ,
وخارج الملعب , تراه نموذجاً إستثنائيه , وقدوةٍ عظيمه يُحتذى بها ,

في ذلك الموسم , وبعد أن توّج نفسه بطلاً على كُل ذلك العالم ,
كان لابُد وأن يكتمل فصل تلك القصه , بنقشاتٍ ملكيّه , كما إعتدنا ,

موسمٍ خُرافي , أداءٍ خيالي , وبمركزٍ مُختلف عما كُنا نشاهده فيه ,
أي جبروتٍ تحمله في جُعبتك , وأي إبداعٍ تفقأ به عيّن المُحايدين ؟

في ذلك الموسم , المسأله لم تكن مُجرد عدد اهداف , او مُستوى مُعين ,
لا , بل الامر فاق ذلك بكثير , حتى اصبح يحتار هذا , ويتوه ذاك ,

الأول يتسائل , ثم يطرح سُؤاله على من حوله , لعله يجد إجابه ,
يا ترى , أي أهدافه أجمل؟ , يا ترى , أي أهدافه أعظم ؟

فتكون الإجابه , عُذراً يا صاح , لطالما كان بكمال صورته عظيم ,
فلتعذرني يا صاح , لطالما كان كذلك , بجمال مُتعته أنيقٍ و جميل ,

هدافاً للكالتشيو , هدافاً لأوروبا , صاحب الحذاء الذهبي , وبمركزٍ جديد !
أي عظمه إعتدت على الظهور بها ؟ , أي جُنونٍ تُريد ان توصلنا إليه ؟

تزداد درجات الغليان في قلوب العُشاق , كُلما شاهدوا صورةٍ لك ,
تزداد نبضات أفئدة المُتيّمين , في كُل إطلالةٍ جديده للملك ,

عواطفٍ لا توصف , مشاعرٍ لا تُحصى , أحاسيس لا تُدرك ,
جوارحٍ لا يُستطاع التحكم بها , ماذا فعلت بنا يا مجنون؟

المكان : بين قلب المُحب وعقل الكاره , الزمان : عصر فرانشيسكو ,
الوقت : عندما تنبض قلوب العُشاق , وتنطق بلا لسان !

 

 

 

بعد معاركٍ عديده مع ذلك التاريخ , وبعد جولاتٍ مُتعدده مع عدو الامس ,
وبعد أن ضاقت به الطُرق , وكاد ان يُقطع نفس ذلك التاريخ ,

قرر التاريخ ان يرفع رايته البيضاء , مُستسلماً لذلك الرجل الذي لم يعرف اليأس ,
إعذرني يا فرانشيسكو , طاقتي بدأت تنفذ , لا استطيع المُقاومه وإكمال الجوله ,

فرانشيسكو يُحطم ذلك التاريخ , يُخضعه تحت أقدامه , ويكسر كبريائه ,
بعد أن صمد رقم " نوردال " لأكثر من نصف قرن , وبعد ان عجزوا عنه ,

جاء فرانشيسكو ليُسقط ذلك الجدار بفأسه , ويهدمه بعد أن كان سداً عالياً ,
وكأنه كان يُحدث الجميع , سأبقى صامداً طويلاً , حتى يأتي فرانشيسكو ,

أتى ذلك الرجُل , فما كان لذلك الجدار إلا , أن يركع ويستسلم لعظمته وجبروته ,
كان ولايزال كـ البحر , عطائه وفيراً , وغدره مُؤلماً , هكذا كُنت يا توتي ,

تمت إزاحه ذلك السويدي , من المُقبل يا فرانشيسكو؟ إنه بيولا ,
لنحزم الحقائب معاً , مُستمتعين بتلك الرحله , التي لن تكون طويله !

تمر الأيام , وتمضي السنون , ويُنسى مُدرج الكولسيوم ويُمسح من الذاكره ,
هل هو في روما؟ نحن لا نعرف مَعلمَاً في روما سوى فرانشيسكو توتي !

هذا ما عرفناه معك . . وهذا ما فعلته أنت بذلك المُدرج التاريخي ,
الذي أصبح بفعلتك ماضٍ , تُراث , يُذكر في الروايات فقط لا اكثر !

في صفحات هذه الحياه , نجد مقولةٍ تاريخيه هُنا , وحكمةٍ تُراثيه هُناك ,
بعضها يكون صحيحاً و واقعياً , والبعض الآخر يكون مُجرد هرطقه !

لعل ابرز تلك المقولات هي " لكُل مُجتهدٍ نصيب " , ما أكذبها !
ألم يُشاهدوا كمّيه الإجتهاد الفضيعه التي قام بها ذلك الفتى الاشقر؟

ألم يُشاهدوا كميّه العمل الذي قام به , والذي سطّره في مُختلف الملاعب؟
ألم يُشاهدوا كميّه الأداء ما بين قميصٍ أحمر هُنا , وآخر أزرق هُناك ؟

لا تقُل لي لكُل مُجتهدٍ نصيب , أرجوك صحح تلك المعلومه وغيّرها ,
قُل لكُل مُجتهدٍ إهمال , ولكُل بقرةٍ حلوب , إنجازٍ غير مُستحق ,

هكذا يبدو الأمر عادلاً , وهكذا تبدو الصورة واضحه , وغير مُشوشه ,
إصدقني القول ولا تضع لي وسادةٍ قبيحه لأنام عليها !

 

لمثله يصحُ قول ((  التاريخ يخضع . . وأرقامه تركع )) !!



مُنذ اللحظةِ الأولى , وفصول الحياه تُعيد نفسها كـ شريط الذكريات ,

بهجةٍ هُنا , وفرحةٍ هُناك , سعادةٍ هُنا , واُنسٍ هُناك ,

تُلامسها قلوب العُشاق , وتعيش معها كل التفاصيل بلحظةٍ واحده ,

مشاعرٍ وأحاسيس , لا حصر لها , ولا تعداداً يُحصيها ,

قصةٍ كُتبت بدموع السنين , وروايةٍ سُردت بدماء الإنهاك ,

أصغر تفاصيلها لا يُمكن ان تُروى , بل تُعاش وتُحس ,

رجُلٍ ذو جيناتٍ مُختلفه , تجعل منه إستثناء في كُل شيء ,

مُستثنى من المُقارنات , من الإحصائيات , من النقد ,

رجُلٍ نصب كُرسيّه فوق هامات سُحب التاريخ ,

جلس هُناك , وبدأ يتفرج على من يستطيع اللحاق به ,

هل يستطيع ؟ رُبما فليحاول؟ عُذراً يا تاريخ , لا غلبةٍ إلى لفرانشيسكو ,

دعهم يُحاول مراراً وتكراراً , المحاوله للوصول إليك شرف ,

ولكن الوصول إلى أخمص قدميّك يكاد يكون أمراً مُستحيلاً ,

هكذا كانت تفاصيل المُحاولات , وهكذا كان الفشل شريط نهايتهم ,

كُل عام , وأنت للمُتعه عنوانها , كُل عام وأنت للسحر أصله ,

كُل عام , وأنت للعُشاق ملكٍ , وكُل عام وقلوبهم كُرسي مملكتك ,

كُل عام وأنت للتاريخ سيداً , وكُل عام والتاريخ لحضرتك يخضع ,

كُل عام وأنت للملعب مُعلماً , وكُل عام , والملعب لجنابك ينحني ,

كُل عام , وأنت للكُره اُستاذها , وكُل عام والكُره لك خير تلميذ ,

كُل عام , وأنت للقلوب مُلهماً , وكُل عام والقلوب لك أسيره ,

كُل عام , وأنت للكارهين كابوساً , وكُل عام , لهم خير مُلجم ,

كُل عام , وأنت للحاقدين عثره , وكُل عام , وأنت وحشه قبور ,

كُل عام , وأنت للإعلام مُخرس , وكُل عام , وأسلوب الرد أعظم صفعه ,

كُل عام وأنت للقلم إلهام , وكُل عام , والقلم لك لسانٍ مشلول ,


 

 

خــــــاتــــــمـــــة . . 

 

 ما كُتب , لن يُنصف جُزءاً بسيطاً , من تلك الأحلام التي لامسناها معك ,
كُل ما دوّن , لن يُضيف لتاريخك شيء , وسيكون جداً مُتواضع بحقك ,

كُل ما كُتب , ما هو إلا شيءٍ بسيط , نُقدمه للملك في يوم ميلاده ,
مُناسبةٍ قوميه , شعبيه , وطنيه , نحتفل بها نحن شعب الرومانيستا ,

نعيش أجمل تفاصيلها , ونُكرر أحلى ذكرياتها , في كل عام , في ذات اليوم ,
أعذر ذلك القلم لتواضع مُفرداته , اعذر ذلك القلم لتواضع ما خطّه ,

كُل عظيمٍ يتواضع في حضرته , هكذا إعتدنا , وهكذا عوّدنا ,
وهكذا كان حاضرنا الجميل , في حضره ذلك الملك الأنيق ,

كُل عام وأنت بخير , وكُل عام ونحن لك أعظم عاشقين ,
كُل عام وأنت بخير , وكُل عام ونحن لك أجمل مُتيّمين ,

كُل عام وأنت بخير , وكُل عام ونحن لك أكبر مجانين ,
كُل عام وأنت بخير , وكُل عام وعقولنا تنام في جيبك !

 

الثلاثاء، 28 يوليو 2015

ايطاليا من فضيحةٍ في القاع ، الى مجدٍ في القمه !

                                 • مقدمة


عندما ابدأ بالحديث عن ايطاليا لا اجد وصفاً دقيقاً اعبّر به عنها ، زرقاء كـ سماء الرب مثل لون البحر حيث دائماً يكون لقاء العشاق ، عاصمة الفن والجمال ، مهد الكرة و تاريخها ، عندما تكون عاشقاً وجهتك الاولى ستكون الى فينيسيا حيث يكمن الجمال هناك ، وان لم تكن كذلك ربما الى فيرونا حيث تحتضن الجدران قبلات جولييت و روميو ، ان كنت مهووساً بالموضه سترحل الى موطنها هناك في ميلانو ، وان شذيّت عن الطبيعه ، هناك في صقلية موطن المافيا و اصلها ، وان كنت من عشاق السيارات والسرعة ستجد قصصك في كتاب الفيراري وعلى لوحة اللامبورغيني ، وان كنت من عشاق الكرة ، انت حتماً تسير في الاتجاه الصحيح ، حيث تواجد مارادونا معجزة كرة القدم ، وفان باستن عظيم البرتقاليين ، وان كنت من عشاق التراث والتاريخ ، سأدع لك برج بيزا والكولوسيوم ينفضون عن جدرانهم غبار الزمن ، ليحكوا لك قصةً لا زالت عالقة في الاذهان ، ايطاليا يا من احببتها صغيراً و عشقتها كبيراً ، يا جنة الله في ارضه ويا جحيم القلوب في بُعدها ، كلما ابحرت بخيالي وبحثت عن موطن ، وجدتني اضع المرساة على شواطئكِ معلناً انتمائي لهذا الوطن الجميل ! 

                           • فضيحة و فساد !




في 2006 هزّت ارجاء المعمورة فضيحة كبيرة اسمها الكالتشيوبولي ، حيث التلاعب بالنتائج و شراء الذمم ، حيث اللعب من تحت الطاولات ، حيث سقوط السُمعة امام انظار العالم ، انها ايطاليا بلد الفساد ، بلد لا يعرف الطهاره ، بلد وُصف من قديم الازل بالغوغائية والتملق ، بإزدراء الوجوه حيث تسمع امراً و ترى غيره ، هذا ما كان يتردد على مسامعنا ، هكذا كانوا يقولون!
قبل ايامٍ معدودة من كأس العالم الموعود ، ايطاليا تخرج بفضيحة امام الجميع ، لا احد يرشحها ، لا احد يحترمها ، لا احد يُعرها اي اهتمام ! بلاد كرة القدم لا تحظى بما تستحق ولكن ربما تلك الفضيحة كانت سبباً في ذلك ، لكن لا احد كان يدرك او ربما تناسوا ان ايطاليا لا تتأثر بأي ظروف ، من عاش على كرة القدم قبل مائه و هوائه ، لا يمكن ان يتنفس شيئاً سوى كرة القدم !


                           • ما قبل المونديال




ليست فضيحة الكالتشيوبولي هي كل شيء ، ايطاليا تعاني ايضاً من فقدان احد اهم عناصرها و هو فرانشيسكو توتي الذي تعرض لاصابه خطيره في فبراير اي قبل انطلاق المونديال بأربع اشهر فقط ، اجرى عمليه حينها تخللت عملية زرع صفائح معدنيه في قدمه مما جعل امر استدعائه لبرلين امر اشبه بالاستحالة !
مارتشيللو ليبي مدرب الاتزوري حينها ذهب الى فرانشيسكو في المستشفى حيث اجرى العملية الجراحية والتي تكللت بالنجاح ، كان يعلم ان نفسيه اللاعب شبه محطمة لانه اقتنع تماماً انه فقد حلم الذهاب الى برلين واللعب في كأس العالم ، ولكن بعبقريه المدرب الناجح داهن عليه وطمأنه ، وبمجرد ما ان إلتقى به حتى قال له " فرانشيسكو كيف تبدو اليوم ، تفكر بكأس العالم؟ ستذهب الى هناك ، حتى وإن كنت بساقٍ واحدة ، ستذهب الى برلين وستلعب في كأس العالم " .. 
لك ان تتخيل عزيزي القارئ ، كيف سيكون شعور فرانشيسكو حينها بعد سماع هذه الكلمات من مدربٍ عظيم مثل مارتشيللو؟ نسبة السعادة والتفاؤل عند توتي بعد هذه الكلمات ارتفعت الى عنان السماء ، والمحصله انه خلال اربع اشهر فقط من العملية التي تبعها نظام تأهيلي للعودة الى الملاعب ودون جاهزية تامة اصبح توتي جاهزاً ولحق بركب المنتخب الذي سيذهب الى برلين !


                              • بداية المشوار



اللقاء الافتتاحي كان ضد غانا ، بدأ مارتشيللو ليبي اللقاء بخطة 4-3-1-2 ، كالعادة بوفون في حمايه العرين ، وفي قلبيّ الدفاع حضرت ثنائيه كانافارو و نيستا اما الاظهره كانوا زاكاردو و غروسو ، في دائرة المنتصف تواجد بيرلو وعلى يمينه ويساره كان هناك دي روسي و غاتوزو كحواجز دفاعيه ، توتي بدأ اللقاء من الدقيقه الاولى في مركز صناعه اللعب خلف لوكا توني و جيلاردينو ولكنه غادر مصاباً في الشوط الثاني ليحل محله كامورانيزي ، غانا لم يكن بالفريق السهل حيث كان يتمتع بالحيوية في الملعب مع سرعة نقل الكرة وكذلك يتمتع ببعض الحلول الفرديه مثل التسديدات القوية والمتقنه لمونتاري و ايسيان واستغلال سرعة اسامواه جيان في الهجمات المرتدة ، ايطاليا ادركت قوة غانا في اللعب السريع مما جعل ليبي يعتمد على دفاع الخط الواحد واغلاق المساحات كلما سنحت الفرصه ، ايطاليا حاولت التسجيل بشتى الطرق لكن كينغستون حارس غانا كان رجل المباراه الاول بلا منازع حيث قدم مباراه العمر ، آخر حلول ايطاليا كانت التسديد من بعيد كان حل ضعيف ولكنه نجح ، بيرلو يسدد كرة قويه من خارج المنطقة لتستقر في الشباك ، الامل عند الافارق هبط ولكنه لم يختفي ، ليعود بيرلو من جديد ويضربهم بالمرتدة حيث يستقبل ياكونتا الذي دخل بديلا لجيلاردينو وينفرد بالحارس ويضعها في الشباك لينهي المباراه بثنائية نظيفه . 

                            • اللقاء الثاني 



اللقاء الثاني كان ضد امريكا ، ايطاليا دخلت بمعنويات كبيرة خصوصاً بعد الفوز الافتتاحي ، لكن الضغط في هذا اللقاء كان هائل ، كل شيء تقريباً انتهى في الشوط الاول ، بيرلو من جديد يثبت ثقله في الملعب ويصنع الهدف الثاني له في المونديال بلقطة تكررت كثيراً في هذه البطوله ، عرضية من ركلة ثابته تقابلها رأسية جيلاردينو التي لم ترحم الشباك الامريكيه ، وبعد خمس دقائق بالضبط امريكا تعادل النتيجة عن طريق هدف سجله زاكاردو لي مرماه ليعيد الامل للامريكان ، وبعد دقيقة واحدة فقط من هدف امريكا يُطرد دانييلي دي روسي بالبطاقة الحمراء بعد تدخله بالكوع على اللاعب الامريكي مما صعّب الامور على ليبي وعلى اللاعبين ، وحتى النهايه لم يتغير شيء ، الوضع استمر على ماهو عليه ، دانييلي تم ايقافه أربع مباريات مما يعني انه لن يلعب مرة اخرى الا في النهائي ،  وقتها ذهب بوفون الى دي روسي الذي أنّب نفسه كثيراً على هذا التصرف قائلاً له " لا تقلق ، ستلعب في النهائي " .. 

                            • ما قبل الاقصائيات 



اللقاء الاخير قبل الوصول للمراحل الاقصائية كان ضد التشيك ، ايطاليا اضاعت الكثير من الفرص خصوصاً من قِبل انزاغي ، نيدفيد كان احد ابطال اللقاء لكن زميله بوفون كان له بالمرصاد كلما وجد باباً اغلقه بوفون في وجهه ، افتتاح الاهداف كان عبر ماتيراتزي برأسية قوية أرسلها له توتي ، استمر اللقاء حامي الوطيس فرٌ و كر بين المنتخبين ، الا ان حانت اللحظه قبل النهاية بثلاث دقائق ، بيروتا يرسل كرة عبقريه لانزاغي الذي انفرد بالحارس ثم وضعها بالشباك لتفوز ايطاليا بثنائية تظيفه وتعبر للدور الـ 16 لمواجهة استراليا .. 

                         • بدايه مراحل الحسم 


هذا اللقاء شهد الكثير من التوتر والشد والجذب ، شوارزر اعاد للاذهان سيناريو كينغستون حيث كان يتصدى لكل شيء ، وفي المقابل بوفون يبادله التحية بذات الاسلوب ، كل فريق يفكر كيف ينهي اللقاء ويعبر للدور المقبل ، ايطاليا لم تهدر الكثير من الفرص بل على العكس تماماً ، شوارزر هو من كان يوقف المهاجمين بشتى الوسائل ، ما زاد من امور ايطاليا تعقيداً هو طرد ماتيراتزي في الدقيقة 50 مما خلق المتاعب للاتزوري ، كل شيء استمر على ماهو ، حتى حانت لحظة تمريرة توتي الحريرية في آخر ثواني اللقاء لغروسو الذي توغل الى مناطق الخصم ثم تعرض للاعاقة مما جعل الحكم يصفر ويحتسبها ركلة جزاء ، توتي أقدم عليها بشجاعة ، كل آمال ايطاليا معلقة بهذه الركلة ، الجميع يؤرقه السيناريو وينتابه القلق ، لدرجة ان بوفون ادار ظهره لرفاقه ، لا يريد ان يرى ما سيحدث ، توتي يتقدم ويسدد ليسكنها في شباك شوارزر اعلى الزاويه اليسرى لتتأهل ايطاليا للدور المقبل ..

                                • استمرار الامل

في الدور ربع النهائي ايطاليا تواجه شيفتشينكو و رفاقه ، لا مجال للتخاذل ، لا مجال للتهاون ، الجدية في العمل هو كل ما يُطلب من اللاعبين وهذا بالفعل ما حدث ، البدايه كانت سريعه جداً ، في الدقيقه الخامسة يصنع توتي الهدف الاول الذي سُجل بأقدام زامبروتا ، ثم توالت فرص الاوكران ولكن بوفون كان لها بالمرصاد ، اجمل لقطات اللقاء كانت بريشه بوفون في الدقيقه 50 ، حيث كانت الكرة تتوجه للشباك انقذها في الامتار الاخيره بكل شجاعة واستبسال مما اسفر عن ارتطام رأسه بالقائم ، لم يبالي ابداً ان يتعرض لاصابه كل ما يهمه هو ان يحافظ على عذريه شباكه ، في الدقيقة الـ 59 توتي يعود لصناعة الهدف الثاني بكرة ارسلها الى لوكا توني الذي لم يتوانى عن وضعها في الشباك لتقترب بطاقة التأهل اكثر من ايطاليا ، وبعد عشر دقائق فقط ايطاليا تقضي على احلام اوكرانيا بعد ان اشترك مسجليّ الاهداف بالهدف الاخير ، زامبروتا يصنع و لوكا يسجل ، لتعبر ايطاليا الى نصف النهائي لمواجهه المانيا المستضيف !

                             • ملحمة دورتموند



احد اصعب المباريات واجملها في البطوله ، ايطاليا تواجه المانيا المستضيف ، الخصم مطالب بالانتصار من اجل العبور للنهائي خصوصاً وان البطولة على ارضه ومطالب ايضاً بتحقيقها لتجاوز ايطاليا الدي يحمل ذات السجل معه في نفس البطوله ، لقاء كان اشبه بالملحمة ، امتد حتى الاشواط الاضافيه ، لقاء استبسل فيه كل لاعبي الاتزوري ، بذلوا كل شيء من اجل خطف بطاقه العبور ، تشرف فيه قميصهم بتعرّقهم الذي بُذل في سبيل تحقيق الانتصار ، حتى الاشواط الاضافيه والكفة متساويه ، الا ان جائت اللحظة الحاسمه ، بيرلو يمرر لغروسو الذي ارسل الكرة كالسم القاتل والسهم الخارق لتستقر في شباك ليمان ، لم يتبقى على النهايه الا القليل ، لكن ايطاليا لم ترتضي ذلك فحسب ، كانافارو بتدخل اسطوري يقطع الكرة برأسه ويضعها تحت اقدام توتي ، توتي يرسلها سريعاً الى جيلاردينو الذي تلاعب بالدفاع ومررها لديل بييرو الذي حطّم آمال الالمان بهدف غايه في الروعه ، الملعب يمتزج بالمشاعر ، من جانبٍ تحتفل الجماهير الايطاليه وتردد فورزا اتزوري ، افانتي ايطاليا ، وجانبٍ آخر فيه الدموع الالمانيه تجرى بحُرقة ، انتهى الحلم ، ايطاليا الى النهائي ! 

                          • ليلة الحلم !





الحلم يقترب ، والامال تزداد ، ايطاليا تواجه زيدان ورفاقه ، تنطلق صافرة الحكم وما ان تصل الى الدقيقة الخامسة حتى يُعرقَل مالودا من قبل ماتيراتزي ، الحكم يصفر وركلة جزاء للديوك في اول خمس دقائق! سيناريو لم يكن في الحسبان ، يتقدم لها زيدان ويضعها بكل ثقه بطريقة بانينكا في شباك بوفون ، سيناريو كان محبط للطيان ، يستمر اللقاء بين شدٍ وجذب ، وتستمر ايطاليا بالحلم على امل التعويض ، لا يمكن لهذا التعب ان يضيع سُداً ، وبعد اقل من ربع ساعه ، تعود ايطاليا لاجواء اللقاء بعد هدف سجله ماتيراتزي عبر ركنيه ارسلها اليه بيرلو ، النقطة المفصليه كانت بطرد زيدان و نطحنه الشهيره ، اهم عنصر في فريق الخصم يُطرد ، امر يزيد من حظوظ الطليان ، استمر اللقاء حتى وصل الى الركلات الترجيحيه ، الطليان كانوا على قدر المسؤوليه ، تتوالى الاهداف واحد تلو الاخر ، حتى وصلت الى غروسو ، يتقدم لها ، يسدد ويضعها في الشباك ، ايطاليا سيّدة العالم ، ايطاليا تتربع على عرش الكرة العالميه ! 

بوفون كان قد وعد دي روسي في المجموعات بعد طرده ضد امريكا وايقافه اربع مباريات انه سيلعب النهائي وفعلاً وفى بعهده ولعب دي روسي النهائي وسجل احد الركلات الترجيحية ، وعدت فوفيت كما هي عادتك يا جيجي !

                              • نقطة ختام



ايطاليا من بلد مليء بالفساد ، من بلد محارب من الجميع ، من بلد مُحتقر وخارج الحسابات ، يجعل الالسن تتحدث كما تشاء ويكتفي فقط بالردود عليهم في الملعب ، نحن اليوم اسياد العالم بفسادنا ، وفشلنا ، وسمعتنا السيئة ، وانتم اليوم فقط تتحدثون وتتفرجون علينا ونحن نصعد المنصة ونتوّج بالذهب ،  هكذا اعتدت على ايطاليا ، عظيمة لا تكترث بالعواصف والزوابع ، هكذا اعتدت على ايطاليا عظيمة دائماً في المناسبات الكبرى ، حتى وهي تحتضر تبرهن على كبريائها ، كعادة الكبار يمرضوا ولكن لا يموتوا ابداً ، دُمتِ عظيمة يا مهد كرة القدم ، ودُمتُ لكِ عاشقاً لا يعرفُ طعم الخيانه !

الأربعاء، 22 يوليو 2015

فيدال بعيون محايدة !

                            • مُــقــدمــة 
لستُ اليوم بصدد كتابة شيء يخص روما كما اعتدت ، ولكن لربما كانت لمسة ثناء او هي رساله توضيحيه ، اكتبها الان لشخصيه لم تكن اعتيادية ، كانت خارجة عن المألوف بعض الشيء ، اثبتت مكانتها في عيون الخصم قبل المشجع ، ربما اصيب بعض الشيء او اخطئ في شيءٍ آخر ، لكن اولاً و اخيراً هي رسالةً شخصية تعبّر عني فقط ولا اكتبها بلسان غيري !

                        • حُقبة اليوفنتوس
في صيف 2011 جاء اليوفنتوس بشخصية ربما كانت مبهمه للاغلبيه باستثناء متابعي البونديسليغا بصفقة كلّفت خزائنه 12.5 مليون يورو ، مبلغ كان بخس بحق شخصيه كبيرة صالت و جالت في ارجاء الكالتشيو ، خلال 4 مواسم قدم للعالم اجمع نموذج راقي لـ لاعب خط الوسط المتكامل ، كان ساتر دفاعي و ممول هجومي للفريق ، وربما مصدر امانه الاول بعد العنكبوت ، مثلما اضاف فيدال لليوفنتوس الكثير ، كذلك اليوفي قدم له دعم اعلامي هائل اظهره للعالم بالصور التي يستحقها ، فكان التصوير الاعلامي له مُستحق قياساً على الاداء والاحصائيات والارقام ..

                     • ابرز نقاط القوة 

• ساتر دفاعي كبير للخطوط الخلفيه في حالة ضغط الخصم ليشكل كثافة عدديه لخط الدفاع في حال كان المد الهجومي للخصم فعّال بشكل كبير ..
• ساتر دفاعي كبير لخط الوسط في حال فعّل الخصم خاصيّة الضغط العالم لحمايه زملائه ومنع انهيارهم تحت الضغط العالي  ( بيرلو مثلاً ) ..
• ممول هجومي فعّال يتحول بسرعه كبيره من الحاله الدفاعيه الى الحالة الهجومي بنفس الجودة لامداد زملائه في خط المقدمه بالكرات لتغيير شكل الفريق هجومياً ..
• استغلال قدرته الكبيره هجومياً في التوغل بين سناتر دفاع الخصم لعدة اسباب :-
- زعزعة خط دفاع الخصم مما يتيح له فتح المساحات لزملائه في خط المقدمة ..
- استغلال القدرة الهجوميه الكبيره في التوغل لخلخلة دفاع الخصم ثم التسجيل كلما سنحت الفرصة ..
• استغلال قدمه القويه في التسديد على المرمى سواء كانت المسافة قريب او بعيدة بحكم دقة تسديداته القوية ..
• القدرة الكبيره للتسجيل من نقطة الجزاء مما جعله اللاعب المفضّل في الفريق لتسجيل الاهداف من هذه النقطة .. 

                        • دوره المؤثر في الابطال

 

  ضد بوروسيا دورتموند ، نلاحظ في هذه اللقطة مثلاً استغلال فيدال لقدرته الهجوميه من خلال التوغل بين قلبيّ دفاع الخصم مستغلاً المساحة الموجودة بين قلبيّ الدفاع والظهير ، تحول تام من الوضع الدفاعي الى الهجومي ليمثّل دور المهاجم الاضافي لخلق الكثافة الهجوميه في المناطق الدفاعيه للخصم ..


• ضد ريال مدريد ، نلحظ هنا ايضاً مساهمه فيدال في التحول للشق الهجومي مع ارتفاع رتم الفريق هجومياً لخلق الزيادة العددية رفقة المهاجمين بين خط وسط و خط دفاع الخصم ، ليكون الممول الاول لخط المقدمه المكون من موراتا و تيفيز .. 


• ضد موناكو ، نلحظ هنا تراجع فيدال للحالة الدفاعيه اثناء الحالة الهجومية للخصم لمساندة الظهير لتشكيل زيادة عدديه على الزاويه اليمنى لاغلاق المساحة على الخصم ولتقليل الخيارات على المهاجم مما يجعل الخيارات امامه محدودة اما المغامرة بالاختراق وقد تنتهي الهجمة حينها او العودة للتمرير مما يجعل فرصه الاختراق من هذه الزاويه معدومه .. 

                               • ارقام و احصائيات

• لعب فيدال في ايطاليا 138 مباراه موّزعه ما بين الدوري و الكأس و كأس السوبر سجل من خلالها 37 هدف ..
• لعب فيدال في دوري الابطال 27 مباراه سجل من خلالها 9 اهداف ..
• لعب فيدال الموسم الماضي في الكالتشيو 28 مباراه ، سجل من خلالها 7 اهداف و صنع 4 ..
• خلال 4 مواسم لعبها في الكالتشيو ، سجل فيدال 35 هدف ..
• خلال 4 مواسم لعبها في الكالتشيو ، صنع فيدال 17 هدف ..
• النسبة المؤيه لفوز اليوفنتوس بالمباريات الموسم الماضي عندما يشارك فيدال بلغت 71 % 
• النسبة المؤية لفوز اليوفنتوس بالمباريات الموسم قبل الماضي عندما يشارك فيدال بلغت 84 % 
• النسبة المؤية لفوز اليوفنتوس بالمباريات مع فيدال آخر 4 مواسم بلغت 82 % 
• نسبة خسارة اليوفنتوس عندما يشارك فيدال آخر 4 مواسم بلغت 6 % 
• نسبة تعادل اليوفنتوس عندما يشارك فيدال آخر 4 مواسم بلغت 18 % 
• خلال 4 مواسم شارك فيها فيدال مع اليوفنتوس ، تلقى 38 بطاقة صفراء و طُرد مرةً واحدة فقط ..
• اكثر فريق فاز عليه فيدال هو لاتسيو بواقع 8 مرات و هو ايضاً اكثر فريق سجل في شباكه بواقع 5 اهداف ..
• ثاني اكثر فريق فاز عليه فيدال هو فيورنتينا بواقع 7 مرات وسجل في شباكهم هدفين ..
• ثاني اكثر فريق سجل في شباكه فيدال هو روما بواقع 4 اهداف ، انتصر امامهم 4 مرات ..
• اكثر فريق خسر منه فيدال هو البايرن بواقع 6 هزائم من اصل 20 مباراه .. 

                          • لقطة ختام

اليوفنتوس سيخسر لاعب كبير و مؤثر بشكل عام على اداء الفريق ، وكذلك الكالتشيو سيخسر احد ابرز نجومه ، لست بصدد العظيم والتفخيم لهذا اللاعب ، ولكنه كانت لمسة ثناء على لاعب اثبت قيمته وكسب احترام الجميع ..